عرض المشاركات المصنفة بحسب مدى الصلة بالموضوع لطلب البحث لماذا لا يستطيع العالم تحمل إغلاق قناة السويس؟. تصنيف بحسب التاريخ عرض كل المشاركات

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 11/25/2021 02:45:00 م

لماذا لا يستطيع العالم تحمل إغلاق قناة السويس؟
الجزء الأول

لماذا لا يستطيع العالم تحمل إغلاق قناة السويس؟                                                                         تصميم الصورة : رزان الحموي
لماذا لا يستطيع العالم تحمل إغلاق قناة السويس؟
تصميم الصورة : رزان الحموي

إغلاق قناة السويس

بعد أزمة السفينة التي جنحت في قناة السويس مؤخراً، كان العالم بأسره يتابع تلك الأزمة لحظةً بلحظة، فلقد أدرك العالم أهمية |قناة السويس|، وما قد ينتج عن إغلاقها من |كوارث اقتصادية|، ولكن تلك لم تكن المرة الأولى التي تُغلق فيها قناة السويس منذ افتتاحها، ولكن أشهر إغلاقٍ لها حدث بعد حرب 1967، بين العرب وإسرائيل، وقد استمر ذلك الاغلاق لأكثر من ثماني سنوات، فكيف استطاع العالم تدبّر أمره بدون قناة السويس في ذلك الوقت؟

أهمية قطاع النقل البحري:

يعتبر |قطاع النقل والشحن| قطاعاً اقتصادياً وحيوياً جداً، وقد يعود له الفضل في نشأة الكثير من الحضارات منذ القدم، فقديماً جداً، جابت السفن الفينيقية أرجاء البحر المتوسط ناقلةً معها البضائع والحضارة والأبجدية المكتوبة، وفي العصر الحديث، أصبح قطاع |النقل البحري| عصباً هاماً في شبكة |العلاقات التجارية| العالمية، وقد يكون الرجل الأشهر في تاريخ النقل والشحن هو الأمريكي "مالكوم ماكلين" الذي يعرفه الكثيرون بلقب "أبو النقل".

حكاية مالكوم ماكلين:

أنهى ماكلين دراسته الثانوية سنة 1931، في الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت أمريكا تعاني حينها من أزمة كسادٍ حادةٍ جداً، فلم يكن من السهل إيجاد أي شابٍ مثله لأي عملٍ، ولكنه بعد جهدٍ جهيد، استطاع العمل في إحدى محطّات الوقود، وأثناء عمله هناك، التقى بسائق شاحنةٍ لنقل النفط، فعلم منه بأنه يتقاضى خمسة دولارات عن كل رحلة، فأخذه الحماس، وأراد العمل بهذا المجال، ولكنه لا يمتلك أية شاحنة، فتوجّه إلى صاحب المحطة الذي يملك شاحنةً قديمةً متهالكة، فاشتراها منه بمبلغٍ زهيد.

انطلاقة نشطة:

أخذ ماكلين الشاحنة المتهالكة، فأصلحها وبدأ يعمل عليها، ولم يستغرق أكثر من خمس سنواتٍ حتى تمكن من شراء شاحنةٍ أخرى، وكان يقوم بنقل أي شيءٍ يُعرض عليه، ولكن أصعب ما كان يواجهه هو نقل البضائع إلى الميناء، حيث كان يمضي وقتاً طويلاً حتى يقوم عمّال الميناء بإفراغ حمولة شاحنته، فأراد إيجاد حلٍّ لهذه المشكلة، ولكنه انشغل عنها ولم يعد إليها إلا بعد خمسة عشر عاماً.

الحرب لعبة رجال الأعمال:

استمر ماكلين بتسلق سلم الثروة درجةً تلو الأخرى، حتى امتلك شركته الخاصة للنقل، وما أن اندلعت الحرب العالمية الثانية، ودخلتها أمريكا إلى جانب الحلفاء، ضد دول المحور، حتى سنحت لرجال الأعمال فرصتهم الذهبية، ولم يكن ماكلين بعيداً عن ذلك، فهو قبل الحرب كان يمتلك اسطولاً برياً مكوناً من ثلاثين شاحنة، تدرُّ عليه مورداً قدره 220 ألف دولار، ولكنه بعد الحرب أصبح يمتلك 162 شاحنة وإيرادات تفوق المليوني دولار.

ربَّ ضارّةٍ نافعة:

في منتصف خمسينيات القرن العشرين، أصبحت شركة ماكلين خامس أكبر شركة نقل بري في الولايات المتحدة، فكان يمتلك سبعةً وثلاثين محطة نقلٍ مع شاحناتها التي تجاوزت 1770 شاحنة، فكانت جميع أموره تسير على خير ما يرام، إلى أن أصدرت السلطات الأمريكية قراراً بفرض طرقٍ محددة للشاحنات وفرض المزيد من الرسوم عليها، وهذا أربك ماكلين وكبّده بعض الخسائر، فسارع إلى إيجاد حلٍ سريعٍ للتخلص من الرسوم الجديدة.

اقرأ المزيد...

سليمان أبو طافش🔭

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 11/25/2021 02:57:00 م

لماذا لا يستطيع العالم تحمل إغلاق قناة السويس؟
الجزء الثالث

لماذا لا يستطيع العالم تحمل إغلاق قناة السويس؟ - الجزء الثالث                                                                                 تصميم الصورة : رزان الحموي
لماذا لا يستطيع العالم تحمل إغلاق قناة السويس؟ - الجزء الثالث
تصميم الصورة : رزان الحموي

رأينا في المقال السابق المنفعة تغمر الجميع لنكمل في هذا المقال ..

حرب فيتنام:

قررت الحومة الأمريكية سنة 1965 تعزيز قواتها العاملة في فيتنام، وتلك القوات ستحتاج الكثير من المؤن والامدادات، وخير وسيلةٍ لنقل تلك الحاجيات هي السفن، ولكن فيتنام لا تمتلك سوى ميناءٍ واحدٍ لاستقبال السفن الكبيرة، وكذلك لم تكن السكك الحديدية مؤهلةً أيضاً، والطرق السريعة الممهدة غير متوفرة، فكان على أمريكا إيجاد حلٍ سريعٍ لتلك المشاكل، وخير من سيقوم بذلك كان ماكلين، فوافق الجيش الأمريكي على عروض ماكلين الذي عمل معه حتى نهاية حرب فيتنام، التي زودته بأكثر من 40% من موارده

جني المزيد من الأرباح:

كانت سفن ماكلين توصل الامدادات الأمريكية المختلفة إلى جنودها في فيتنام، ولكنها تعود فارغةً، وهذا لم يعجب ماكلين، فقرر ان تمر السفن عند عودتها إلى اليابان وتحمل البضائع من هناك، فتعاون ماكلين مع اليابانيين الذين بدؤوا بتطوير موانئهم بما يتناسب مع أفكار ماكلين، وكل ذلك كان في أواسط السبعينيات، وهو فترة طفرة الصادرات اليابانية إلى أمريكا، ومن هنا يمكن القول بأن أفكار ماكلين أفادت الكثير من الدول، فما فعله مع اليابان فعله مع هونكونغ وغيرها.

السياحة مع التيار:

مع الوقت، تطورت |صناعات السفن| كثيراً، ودخلت شركاتٌ جديدةٌ مجال النقل البحري، مع سفنها الحديثة والسريعة والعملاقة، فلم يستطع ماكلين الوقوف وحيداً أمام السيل القادم، فعاد إلى معرفته القديمة بشركة "آر جي رينولدز" التي قررت توسيع أعمالها وتنويع استثماراتها، فاشتركت شركة ماكلين بخمسمئة وثلاثين مليون دولار، وطورتها بأكثر من مليار دولار، مع احتفاظها بماكلين في مجلس إدارة الشركة.

إمكانات غير محدودة:

مع الوضع الجديد لماكلين، ومع المبالغ الكبيرة التي تمتلكها الشركة الجديدة، اقترح ماكلين امتلاك ثمانية سفنٍ جديدة، تكون الأكبر والأحدث من نوعها، ورغم التكلفة الكبيرة لتلك السفن، فإن الشركة الثرية لم تواجه مشكلةً في ذلك، بل أنها اشترت إحدى شركات النفط لكي تزود سفنها بالوقود.

بداية النهاية لماكلين:

بدل أن تدعم إدارة شركة آر جي رينولدز أفكار ماكلين، قررت قيادة الشركة بطريقتها الخاصة، فبدأت بإبعاده عن الإدارة، وتفاقمت خلافاتهما مع اندلاع حرب تشرين سنة 1973، عندما قطع العرب النفط عن الغرب، فارتفع سعر |النفط| عدة أضعاف، ولا ننسى بأن قناة السويس كانت لا تزال مغلقةً منذ سنة 1967، ما أجبر السفن الأمريكية على سلوك طريق رأس الرجاء الصالح الطويل، وكل ذلك يفرض على شركات النقل البحري مزيداً من التكاليف، التي دفعت الكثير منها إلى الإفلاس.

محاولات فاشلة:

حاول ماكلين إنقاذ شركته من الإفلاس خلال تلك الأزمة، ولكنه لم يجد آذاناً صاغيةً له في إدارة الشركة، فباع أسهمه فيها وغادرها، ولم يتمكن من العودة إلى ساحة العمل بعد ذلك مطلقاً، وما أن فعل ذلك حتى أعيد فتح قناة السويس سنة 1975، فعادت شركة |النقل البحري| تتنفس الصعداء وتنتعش من جديد، ولكن شركته القديمة تعثّرت كثيراً ولم تصمد طويلاً حتى انهارت وبيعت إلى شركةٍ أخرى، ومنذ ذلك الوقت أدرك العالم صعوبة إغلاق |قناة السويس| ومدى الخسائر التي قد يُحدثها ذلك.

إذا أعجبك المقال فشاركه مع أصدقائك أو أفدنا بتعليقاتك.

سليمان أبو طافش🔭

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 11/25/2021 02:54:00 م

لماذا لا يستطيع العالم تحمل إغلاق قناة السويس؟
الجزء الثاني

لماذا لا يستطيع العالم تحمل إغلاق قناة السويس؟ - الجزء الثاني                                 تصميم الصورة : رزان الحموي
لماذا لا يستطيع العالم تحمل إغلاق قناة السويس؟ - الجزء الثاني
تصميم الصورة : رزان الحموي

 تكلّمنا في المقال السابق عن أهميّة قطاع النقل البحري وسنكمل في هذا المقال ..

الحاجة أم الاختراع:

خلال بحث ماكلين عن طريقةٍ للتخلص من الرسوم الجديدة على شاحنات |النقل|، تذكر الفكرة التي راودته قبل خمسة عشر عاماً أثناء معاناته من الانتظار في الميناء حتى تفريغ الحمولات، ففكر بنقل الشاحنة كلها إلى السفينة بدلاً من نقل الحمولة فقط، ولكنه سرعان ما عدّل فكرته، إلى نقل صندوق الشاحنة فقط إلى السفينة، ولكن القوانين الأمريكية لم تكن تسمح له بدخول قطاع النقل البحري مع استمراره في قطاع النقل البري فكان عليه اختيار أحد القطاعين فقط.

تغييرات محورية هامة:

لم يستهلك ماكلين وقتاً طويلاً في التفكير، فسرعان ما قرّر الاستغناء عن كل ما انجزه في قطاع |النقل البري|، والتوجه إلى قطاع |النقل البحري|، والبدء فيه من جديد، فباع حصته من الشركة بمبلغ 25 مليون دولار، ثم حصل على قرضٍ من أحد البنوك بمبلغ 42 مليون دولار، بضمانة مشروعه الجديد، وراح يبحث عن شركةٍ عاملةٍ في النقل البحري لكي يشتريها، فكان له ما أراد.

تعديلات وابتكارات جديدة:

اشترى ماكلين إحدى شركات النقل البحري بسبعة ملايين دولار، فغيّر اسمها، وبدأ يعمل على تطوير الحاويات المستخدمة لنقل البضائع في السفن، وحصل على براءة اختراعٍ بذلك، ولم يكن بحاجة شيءٍ بعد ذلك، إلا السفينة التي ستنقل الحاويات، وهذه كانت أكبر مشاكله، ولكنه كعادته لم يستغرق كثيراً من الوقت حتى وجد حلاً لهذه المشكلة، فاشترى سفينتين لنقل |النفط| وقام بتعديلهما لتتناسبا مع الحاويات التي ابتكرها.

نحو مزيدٍ من النجاح:

في عام 1956، أبحرت أول سفينةٍ مملوكة لماكلين من ميناء نيويورك إلى ميناء هيوستن، وهي تحمل 58 حاويةً مليئةً بالبضائع، وسط ترقّب المسؤولين الأمريكيين والصحفيين ورجال الأعمال، وقبل أن تصل السفينة إلى وجهتها، حصل ماكلين على تعاقدات كثيرة وكبيرة لنقل البضائع.

المنفعة تغمر الجميع:

لم يستوعب ماكلين كمية الطلبات التي انهالت عليه، ولكنه رغب بتحفيز الأشخاص والشركات أكثر من ذلك، فقام بتخفيض أجوره بنسبة 25%، ولكي ندرك أهمية الإنجاز الذي قدمه ماكلين بطريقته في نقل البضائع، يكفي أن نعلم بأن تكلفة نقل الطن الواحد من البضائع قبل ماكلين كانت تصل إلى أكثر من خمسة دولارات ونصف، وبطريقة ماكلين، انخفضت التكلفة إلى أقل من ربع دولار، وكانت معظم التكلفة تذهب إلى عمال الميناء، عداك عن توفير الوقت الكبير الذي كانت تستهلكه عملية تفريغ السفينة وتحميلها، والذي انخفض من عشرين يوماً إلى عشرين ساعة.

العقبة الأخيرة التي واجهت مشروع ماكلين، كانت تتجسّد في البنية التحتية للموانئ، فهي لم تكن مجهزةً لسفن ماكلين، ولم تتجاوب السلطات الأمريكية جيداً معه لتحديثها، ورغم المجهود الكبير الذي بذله لإقناع المسؤولين بمشروعه، إلا أنه لم ينجح بذلك حتى خدمه القدر عندما اشتعلت الحرب في فيتنام واحتاجت الحكومة الأمريكية لتطوير موانئها، ليتجلى المثل القائل "مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد" بأكمل أشكاله.

اقرأ المزيد...

سليمان أبو طافش🔭

يتم التشغيل بواسطة Blogger.